المملكة الورقية
صفحة 1 من اصل 1
المملكة الورقية
اشتهرت لفترة طويلة بين رفاقي بـ "السيد الوطن" أو "المتحدث الرسمي باسم الحكومة" و لم يكن ذلك لشيء سوى أنني دائم الدفاع عن قرارات و إنجازات الحكومة في الغالب و مهاجماً في الوقت ذاته ثقافة الفرد و محملاً إياها المسئولية عن الكثير من المشاكل ، فما أن تُذكر مشكلة انقطاع المياة في مدينة جده على سبيل المثال ، إلا و بادرت بالتذكير بأن المواطن المسرف يتحمل الجزء الأكبر من المسئولية عن هذا الأمر ، فنحن نحتل المرتبة الرابعة عالمياً على مستوى الاستهلاك الفردي بينما نحتل في المقابل المرتبة قبل الأخيرة في قائمة الدول الفقيرة للموارد المائية ، و في مشاكل الاختناقات المرورية كنتُ دائماً ما أحمل ممارسات المواطن اللامنضبطة بقوانين المرور النسبة الكبرى من المسئولية ، كنتُ اعتقد في نفسي الموضوعية لأنني أحمل المسئولية لكل الأطراف لكنني أفعل ذلك بنسب مختلفة.
لا اعتقد أنني سأفعل ذلك بعد اليوم ، فثقافة المواطن العامة هي في الأساس مسئولية جهة حكومية و هي وزارة الثقافة التي اختصت عندنا بالإعلام و الإعلام التلميعي فقط ، و لستُ أرى أن هذه الوزارة قد قدمت و لو جزءً يسيراً جداً مما يتوجب عليها فعله و يحفظ لي حقي بالدفاع عن وجهة نظري التي تقوم على أساس أن الفرد هو قاعدة البناء و إصلاح الأخطاء.
إضافة إلى ذلك ، فإن الأخطاء من مواطن يفتقد للثقافة الكاملة استهلاكياً و سلوكياً مقبولة مهما كانت نسبتها ، بينما هي ليست مقبولة على الإطلاق من حكومة طالما ادعت الاستعانة بالخبراء و المختصين لتنفيذ البرامج و الخطط على مر العقود ، و مع ذلك لا زالت الأخطاء هي الأخطاء و السلبيات تتراكم لتزداد عاماً بعد عام.
ما يحرضني على الكتابة اليوم هو الوقوف المباشر في الفترة الأخيرة على جملة من الحالات أجزم أنها ليست بالغريبة و لا الشاذة ، و لو لا الانفتاح الإعلامي عبر الانترنت لما عرفنا عنها بالشكل المطلوب، ليست أخطاءً فردية و لكنها النظام العام الذي يسير عليه الجميع ؛ بل الذي يُسّيَرُ على الجميع ، فالفرص التعليمية لا يتم توزيعها بعدالة لا في المنح الخارجية و لا في الدراسة الداخلية ، الفرض الوظيفية إن تحدثنا عنها فنحن نتحدث عن السراب و مع ذلك فسلم الرواتب الوظيفية لم يعد يشفع للموظف الحكومي بالعيش حياةً كريمة ، و تلك مسئولية الدولة بلا أدنى شك ، ليست المطالبة دوماً بزيادة الرواتب و لكن كبح جماح الأسعار ، فنظامنا العقاري نظام مفتوح و لا يملك مرجعية رسمية لضبطه ، مع أن المرجعيات العقارية و ضبط سوق العقار أمر مطبق في كل الدول المنتقدمة و غير المتقدمة ، الحماية عندنا لرؤوس الأموال فقط ، فقد أخذنا من الرأسمالية كل مساوئها و لم نضع الضوابط التي يحتاجها مجمتعنا و هكذا أصبح حلم امتلاك منزل - و لو كان شقة تمليك - هو حلم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!
في أغنى بلد بترولي 20% فقط من السكان يملكون منازلهم .. و البقية !
ننتج من الاسمنت ما يكفي لتعمير دولتين بحجم دولتنا و كله يُصدر للخارج مما يخلق طلباً أعلى من المعدل المنطقي و بذلك يرتفع السعر على المستهلك المحلي ، و نفس الوضع نراه في انتاجنا من الحديد ، و الأسوأ من ذلك ما نراه في الدقيق ، الذي و إن كان لا يُصدر كسابقيه إلا أنه يُهرب و الكميات التي يتم تهريبها لا يمكن لعقل أن يستوعب أنها تُهرب فعلاً بالطرق البدائية ، إنها قرصنة منظمة على موارد و مكتسبات شعب كامل .. فمن أي زاوية يمكن لنا أننظر في المسئولية الحكومية عن هذه الأشياء ؟!
في أغنى بلدٍ بترولي ، يخشى المواطن أن يسقط مريضاً و هو يفضل الموت السريع على أي مرض قد يلم به حتى يموت مستوراً بدلاً من إراقة ماء وجهه و هو يستجدي سريراً في مستشفى !
موظف القطاع الخاص المشمول بتأمين طبي (شكلي) لو احتاج للمستشفى فالتأمين لا يدفع أكثر من خمسين ألف ريال في السنة ماذا لو احتاج لعملية - و ما أكثرها - من تلك التي تحتاج لمائة ألف ريال كحد أدنى ؟
حسناً في قطاع متوسط رواتبه 3000 ريال في الشهر سيضحي بدخل سنة كاملة (36 ألف ريال ) ثم عليه أن يبحث عمن يقرضه 14 ألف ريال ليعالج نفسه و يستعد للدخول للسجن و هو بصحة جيدة !
ليس ذلك لقلة ميزانية الصحة و لا لقلة المستشفيات و لكن لأنها مستشفيات مخصصة لعلية القوم أصبحوا هم الوطن و الوطن هم ، فمن يعرف (شخصية مسئولة) يمكنه تدبر سرير في أرقى المستشفيات بمكالمة هاتفية بسيطة ! هل هذه هي العدالة !
لا أتحدث هنا عن أمورٍ من نسج خيالي و لا أحتاج لأدلة على ما أقوله لأنه وضعٌ يشهده و يعيشه الجميع ، فهل من المنطقي أن نطلب ممن يخبرنا أن الشمس تشرق كل صباح دليل على كلامه !
الحياة لم تعد حلماً و لا مطلباً ، فأقدام الشعب تغوص في مستنقع الفقر الذي يزداد منسوبه يوماً بعد آخر و الجميع ينتظر لحظة الغرق ، و السبب حكومة تتألف من ووزارات خدمية !
الشمس لا تُحجب بغربال ، و أي مسئولية فردية هي من الآن قد أصبحت مسئولية الحكومة ، فالفرد المسلوب حق تقرير حياته بأمن نفسي كامل ليس مسئولاً عن شيء و لا يمكننا أن نطلب منه أداء واجباته أو ما ينبغي عليه قبل تحقيق الحد الأدنى من حقوقه كما هي .. تذكروا إنني أتحدث عن حقوق لا مكرمات و هبات .
لا اعتقد أنني سأفعل ذلك بعد اليوم ، فثقافة المواطن العامة هي في الأساس مسئولية جهة حكومية و هي وزارة الثقافة التي اختصت عندنا بالإعلام و الإعلام التلميعي فقط ، و لستُ أرى أن هذه الوزارة قد قدمت و لو جزءً يسيراً جداً مما يتوجب عليها فعله و يحفظ لي حقي بالدفاع عن وجهة نظري التي تقوم على أساس أن الفرد هو قاعدة البناء و إصلاح الأخطاء.
إضافة إلى ذلك ، فإن الأخطاء من مواطن يفتقد للثقافة الكاملة استهلاكياً و سلوكياً مقبولة مهما كانت نسبتها ، بينما هي ليست مقبولة على الإطلاق من حكومة طالما ادعت الاستعانة بالخبراء و المختصين لتنفيذ البرامج و الخطط على مر العقود ، و مع ذلك لا زالت الأخطاء هي الأخطاء و السلبيات تتراكم لتزداد عاماً بعد عام.
ما يحرضني على الكتابة اليوم هو الوقوف المباشر في الفترة الأخيرة على جملة من الحالات أجزم أنها ليست بالغريبة و لا الشاذة ، و لو لا الانفتاح الإعلامي عبر الانترنت لما عرفنا عنها بالشكل المطلوب، ليست أخطاءً فردية و لكنها النظام العام الذي يسير عليه الجميع ؛ بل الذي يُسّيَرُ على الجميع ، فالفرص التعليمية لا يتم توزيعها بعدالة لا في المنح الخارجية و لا في الدراسة الداخلية ، الفرض الوظيفية إن تحدثنا عنها فنحن نتحدث عن السراب و مع ذلك فسلم الرواتب الوظيفية لم يعد يشفع للموظف الحكومي بالعيش حياةً كريمة ، و تلك مسئولية الدولة بلا أدنى شك ، ليست المطالبة دوماً بزيادة الرواتب و لكن كبح جماح الأسعار ، فنظامنا العقاري نظام مفتوح و لا يملك مرجعية رسمية لضبطه ، مع أن المرجعيات العقارية و ضبط سوق العقار أمر مطبق في كل الدول المنتقدمة و غير المتقدمة ، الحماية عندنا لرؤوس الأموال فقط ، فقد أخذنا من الرأسمالية كل مساوئها و لم نضع الضوابط التي يحتاجها مجمتعنا و هكذا أصبح حلم امتلاك منزل - و لو كان شقة تمليك - هو حلم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!
في أغنى بلد بترولي 20% فقط من السكان يملكون منازلهم .. و البقية !
ننتج من الاسمنت ما يكفي لتعمير دولتين بحجم دولتنا و كله يُصدر للخارج مما يخلق طلباً أعلى من المعدل المنطقي و بذلك يرتفع السعر على المستهلك المحلي ، و نفس الوضع نراه في انتاجنا من الحديد ، و الأسوأ من ذلك ما نراه في الدقيق ، الذي و إن كان لا يُصدر كسابقيه إلا أنه يُهرب و الكميات التي يتم تهريبها لا يمكن لعقل أن يستوعب أنها تُهرب فعلاً بالطرق البدائية ، إنها قرصنة منظمة على موارد و مكتسبات شعب كامل .. فمن أي زاوية يمكن لنا أننظر في المسئولية الحكومية عن هذه الأشياء ؟!
في أغنى بلدٍ بترولي ، يخشى المواطن أن يسقط مريضاً و هو يفضل الموت السريع على أي مرض قد يلم به حتى يموت مستوراً بدلاً من إراقة ماء وجهه و هو يستجدي سريراً في مستشفى !
موظف القطاع الخاص المشمول بتأمين طبي (شكلي) لو احتاج للمستشفى فالتأمين لا يدفع أكثر من خمسين ألف ريال في السنة ماذا لو احتاج لعملية - و ما أكثرها - من تلك التي تحتاج لمائة ألف ريال كحد أدنى ؟
حسناً في قطاع متوسط رواتبه 3000 ريال في الشهر سيضحي بدخل سنة كاملة (36 ألف ريال ) ثم عليه أن يبحث عمن يقرضه 14 ألف ريال ليعالج نفسه و يستعد للدخول للسجن و هو بصحة جيدة !
ليس ذلك لقلة ميزانية الصحة و لا لقلة المستشفيات و لكن لأنها مستشفيات مخصصة لعلية القوم أصبحوا هم الوطن و الوطن هم ، فمن يعرف (شخصية مسئولة) يمكنه تدبر سرير في أرقى المستشفيات بمكالمة هاتفية بسيطة ! هل هذه هي العدالة !
لا أتحدث هنا عن أمورٍ من نسج خيالي و لا أحتاج لأدلة على ما أقوله لأنه وضعٌ يشهده و يعيشه الجميع ، فهل من المنطقي أن نطلب ممن يخبرنا أن الشمس تشرق كل صباح دليل على كلامه !
الحياة لم تعد حلماً و لا مطلباً ، فأقدام الشعب تغوص في مستنقع الفقر الذي يزداد منسوبه يوماً بعد آخر و الجميع ينتظر لحظة الغرق ، و السبب حكومة تتألف من ووزارات خدمية !
الشمس لا تُحجب بغربال ، و أي مسئولية فردية هي من الآن قد أصبحت مسئولية الحكومة ، فالفرد المسلوب حق تقرير حياته بأمن نفسي كامل ليس مسئولاً عن شيء و لا يمكننا أن نطلب منه أداء واجباته أو ما ينبغي عليه قبل تحقيق الحد الأدنى من حقوقه كما هي .. تذكروا إنني أتحدث عن حقوق لا مكرمات و هبات .
ماجد الراشد- عضو مبتدىء
- عدد الرسائل : 1
تاريخ التسجيل : 22/05/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى