الــــقـــــلــــم الـــــمقـــــدســـي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المملكة الورقية

اذهب الى الأسفل

المملكة الورقية Empty المملكة الورقية

مُساهمة من طرف ماجد الراشد الخميس مايو 22, 2008 10:28 pm

اشتهرت لفترة طويلة بين رفاقي بـ "السيد الوطن" أو "المتحدث الرسمي باسم الحكومة" و لم يكن ذلك لشيء سوى أنني دائم الدفاع عن قرارات و إنجازات الحكومة في الغالب و مهاجماً في الوقت ذاته ثقافة الفرد و محملاً إياها المسئولية عن الكثير من المشاكل ، فما أن تُذكر مشكلة انقطاع المياة في مدينة جده على سبيل المثال ، إلا و بادرت بالتذكير بأن المواطن المسرف يتحمل الجزء الأكبر من المسئولية عن هذا الأمر ، فنحن نحتل المرتبة الرابعة عالمياً على مستوى الاستهلاك الفردي بينما نحتل في المقابل المرتبة قبل الأخيرة في قائمة الدول الفقيرة للموارد المائية ، و في مشاكل الاختناقات المرورية كنتُ دائماً ما أحمل ممارسات المواطن اللامنضبطة بقوانين المرور النسبة الكبرى من المسئولية ، كنتُ اعتقد في نفسي الموضوعية لأنني أحمل المسئولية لكل الأطراف لكنني أفعل ذلك بنسب مختلفة.

لا اعتقد أنني سأفعل ذلك بعد اليوم ، فثقافة المواطن العامة هي في الأساس مسئولية جهة حكومية و هي وزارة الثقافة التي اختصت عندنا بالإعلام و الإعلام التلميعي فقط ، و لستُ أرى أن هذه الوزارة قد قدمت و لو جزءً يسيراً جداً مما يتوجب عليها فعله و يحفظ لي حقي بالدفاع عن وجهة نظري التي تقوم على أساس أن الفرد هو قاعدة البناء و إصلاح الأخطاء.

إضافة إلى ذلك ، فإن الأخطاء من مواطن يفتقد للثقافة الكاملة استهلاكياً و سلوكياً مقبولة مهما كانت نسبتها ، بينما هي ليست مقبولة على الإطلاق من حكومة طالما ادعت الاستعانة بالخبراء و المختصين لتنفيذ البرامج و الخطط على مر العقود ، و مع ذلك لا زالت الأخطاء هي الأخطاء و السلبيات تتراكم لتزداد عاماً بعد عام.

ما يحرضني على الكتابة اليوم هو الوقوف المباشر في الفترة الأخيرة على جملة من الحالات أجزم أنها ليست بالغريبة و لا الشاذة ، و لو لا الانفتاح الإعلامي عبر الانترنت لما عرفنا عنها بالشكل المطلوب، ليست أخطاءً فردية و لكنها النظام العام الذي يسير عليه الجميع ؛ بل الذي يُسّيَرُ على الجميع ، فالفرص التعليمية لا يتم توزيعها بعدالة لا في المنح الخارجية و لا في الدراسة الداخلية ، الفرض الوظيفية إن تحدثنا عنها فنحن نتحدث عن السراب و مع ذلك فسلم الرواتب الوظيفية لم يعد يشفع للموظف الحكومي بالعيش حياةً كريمة ، و تلك مسئولية الدولة بلا أدنى شك ، ليست المطالبة دوماً بزيادة الرواتب و لكن كبح جماح الأسعار ، فنظامنا العقاري نظام مفتوح و لا يملك مرجعية رسمية لضبطه ، مع أن المرجعيات العقارية و ضبط سوق العقار أمر مطبق في كل الدول المنتقدمة و غير المتقدمة ، الحماية عندنا لرؤوس الأموال فقط ، فقد أخذنا من الرأسمالية كل مساوئها و لم نضع الضوابط التي يحتاجها مجمتعنا و هكذا أصبح حلم امتلاك منزل - و لو كان شقة تمليك - هو حلم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!
في أغنى بلد بترولي 20% فقط من السكان يملكون منازلهم .. و البقية !
ننتج من الاسمنت ما يكفي لتعمير دولتين بحجم دولتنا و كله يُصدر للخارج مما يخلق طلباً أعلى من المعدل المنطقي و بذلك يرتفع السعر على المستهلك المحلي ، و نفس الوضع نراه في انتاجنا من الحديد ، و الأسوأ من ذلك ما نراه في الدقيق ، الذي و إن كان لا يُصدر كسابقيه إلا أنه يُهرب و الكميات التي يتم تهريبها لا يمكن لعقل أن يستوعب أنها تُهرب فعلاً بالطرق البدائية ، إنها قرصنة منظمة على موارد و مكتسبات شعب كامل .. فمن أي زاوية يمكن لنا أننظر في المسئولية الحكومية عن هذه الأشياء ؟!

في أغنى بلدٍ بترولي ، يخشى المواطن أن يسقط مريضاً و هو يفضل الموت السريع على أي مرض قد يلم به حتى يموت مستوراً بدلاً من إراقة ماء وجهه و هو يستجدي سريراً في مستشفى !
موظف القطاع الخاص المشمول بتأمين طبي (شكلي) لو احتاج للمستشفى فالتأمين لا يدفع أكثر من خمسين ألف ريال في السنة ماذا لو احتاج لعملية - و ما أكثرها - من تلك التي تحتاج لمائة ألف ريال كحد أدنى ؟
حسناً في قطاع متوسط رواتبه 3000 ريال في الشهر سيضحي بدخل سنة كاملة (36 ألف ريال ) ثم عليه أن يبحث عمن يقرضه 14 ألف ريال ليعالج نفسه و يستعد للدخول للسجن و هو بصحة جيدة !

ليس ذلك لقلة ميزانية الصحة و لا لقلة المستشفيات و لكن لأنها مستشفيات مخصصة لعلية القوم أصبحوا هم الوطن و الوطن هم ، فمن يعرف (شخصية مسئولة) يمكنه تدبر سرير في أرقى المستشفيات بمكالمة هاتفية بسيطة ! هل هذه هي العدالة !

لا أتحدث هنا عن أمورٍ من نسج خيالي و لا أحتاج لأدلة على ما أقوله لأنه وضعٌ يشهده و يعيشه الجميع ، فهل من المنطقي أن نطلب ممن يخبرنا أن الشمس تشرق كل صباح دليل على كلامه !

الحياة لم تعد حلماً و لا مطلباً ، فأقدام الشعب تغوص في مستنقع الفقر الذي يزداد منسوبه يوماً بعد آخر و الجميع ينتظر لحظة الغرق ، و السبب حكومة تتألف من ووزارات خدمية !

الشمس لا تُحجب بغربال ، و أي مسئولية فردية هي من الآن قد أصبحت مسئولية الحكومة ، فالفرد المسلوب حق تقرير حياته بأمن نفسي كامل ليس مسئولاً عن شيء و لا يمكننا أن نطلب منه أداء واجباته أو ما ينبغي عليه قبل تحقيق الحد الأدنى من حقوقه كما هي .. تذكروا إنني أتحدث عن حقوق لا مكرمات و هبات .



ماجد الراشد
عضو مبتدىء
عضو مبتدىء

عدد الرسائل : 1
تاريخ التسجيل : 22/05/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى